لو أنّ البحر يشيخ
لاختار بيروت ذاكرة له
كلّ لحظة
يبرهن الرماد أنه قصر المستقبل
يسافر,
يخرج من خطواته
ويدخل في أحلامه
كلما هذّبته الحكمة
فضحته التجربة
يرسم خرائط
لكنّها تمزّقه
أغلق بابه
لا لكي يقيد أفراحه,
بل لكي يحرّر أحزانه,
رماده يفاجىء النار
وناره تفاجىء الوقت
ينكر الأشياء التي تستسلم له
تنكره الأشياء التي يستسلم لها
الماضي بحيرة
لسابح واحد: الذكرى
لا وقت للبحر لكي يتحدث مع الرمل:
مأخوذ دائمًا بتأليف الموج
اليأس عادة, والأمل ابتكار
للفرح أجنحة وليس له جسد,
للحزن جسد وليس له أجنحة
الحلم هو البريء الوحيد
الذي لا يقدر أن يحيا إلاّ هاربًا
الفكر دائمًا يعود
الشعر دائمًا يسافر
السرّ أجمل البيوت
لكنه لا يصلح للسكنى
يصدأ اللسان من كثرة الكلام,
تصدأ العين من قلة الحلم
أنّى سافرت, كيفما اتّجهت:
أعماقك أبعد الأمكنة
جُرحتُ باكرًا
وباكرًا عرفت:
الجراح هي التي خلقتني
قرية صغيرة هي طفولتك
مع ذلك,
لن تقطع تخومها
مهما أوغلتَ في السفر
اادونيس